الصفحات

الاثنين، ٢١ كانون الثاني ٢٠١٣

(حول جبهة الأكراد في سورية)


صحيفة اللوموند 21/1/2013 بقلم كريستوف عياد Christophe Ayad

     المسألة الكردية هي الزاوية الميتة للثورة السورية. إنها غير مرئية تقريباً، ومنسيّة في أغلب الأحيان، على الرغم من أنها عنصر أساسي في البزل السوري. سيكون من الصعب أو حتى من المستحيل انتزاع الإدارة الذاتية التي حصل عليها الأكراد بفضل التمرد منذ شهر آذار 2011، وذلك سواء بقيت سورية تحت حكم بشار الأسد أو سقط النظام فيها.
     اتصف موقف الأكراد منذ بداية الثورة بالحذر الذي أملته الدروس القاسية للماضي. لقد تم قمع انتفاضتهم عام 2004 دون أن تُثير أي قدر من التضامن في بقية أنحاء سورية. عندما اندلع التمرد ضد بشار الأسد في عام 2011، أظهر الأكراد معارضتهم للنظام الذي حرم الكثيرين منهم من الجنسية في الستينيات. ولكنهم حرصوا على البقاء بمنأى عن العنف، واتخذوا موقفاً حيادياً نسبياً تحت هيمنة أهم حزب كردي في سورية حزب الاتحاد الديموقراطي المُقرّب من حزب العمال الكردستاني.
     بدأ حزب الاتحاد الديموقراطي ينسج شبكته مستفيداً من ضعف النظام، وأقام مدارس باللغة الكردية. بالنسبة لبقية الأحزاب الكردية المُقرّبة من الحزب الديموقراطي الكردي للزعيم الكردي العراقي مسعود بارزاني، فهي تشعر بالحذر من هيمنة حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يتصف بالانضباط و"المركزية الديموقراطية" المستوحاة من توأمه التركي حزب العمال الكردستاني.
     عندما شعر الأكراد أن النظام أصبح ضعيفاً بما فيه الكفاية، سيطروا في شهر تموز 2012 على المدن الكردية الرئيسية مثل ديريك وحقولها النفطية باستثناء القامشلي عاصمة كردستان السوري. ما زالت قوات النظام موجودة في القامشلي، ولكنها لم تعد تخرج من ثكناتها. قامت وحدات الدفاع الشعبي التابعة لحزب الاتحاد الديموقراطي بإقامة الحواجز في كل مكان، وترمز هذه الحواجز إلى  السيادة الكردية الجديدة التي لم تحظ برضى القوميين العرب في المعارضة السورية ولا برضى الإسلاميين الذين يعتبرون الأكراد مُغالين بالعلمانية. يضم حزب الاتحاد الديموقراطي كتائب مختلطة من الرجال والنساء اللواتي يحملن السلاح أيضاً كما هو الحال بالنسبة لحزب العمال الكردستاني.
     يتعرض الأكراد في سورية إلى هجمات متفرفة من النظام والمجموعات الإسلامية للمتمردين، ولهذا السبب يتغاضى الأكراد عن الانقسامات فيما بينهم في الوقت الحالي. ولكن المستقبل غامض، ما هي الفائدة من الإدارة الذاتية في منطقة فقيرة ومُحاصرة؟ كيف سيكون المستقبل في مواجهة  المعارضة التي لا تميل إلى التسوية؟ أخيراً، ما هي النتائج الممكنة للمناورات الإقليمية الكبرى بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، وأيضاً بين بغداد وكردستان العراق؟ إن مصير الأكراد في سورية سيعود عاجلاً أم آجلاً إلى واجهة الأحداث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق