الصفحات

الأربعاء، ٣٠ كانون الثاني ٢٠١٣

(الإستيلاء على القاعدة السورية في تفتناز، مرحلة جديدة على طريق إدلب)


صحيفة اللوموند 29/1/2013 بقلم مراسلها الخاص في تفتناز لويس روت Lewis Roth

     كانت الطائرات المروحية في قاعدة تفتناز تقوم بقصف شمال سورية من اللاذقية حتى إدلب ومن حماة حتى الحدود التركية، ولكن سقوطها بتاريخ 11 كانون الثاني، أفسح المجال أمام طائرات الميغ لتحل مكان الطائرات المروحية، وهي طائرات أكثر دقة وقدرة على التدمير. غادر جميع سكان مدينة تفتناز إلى مكان أكثر أماناً، وتركوها للمجموعات المسلحة التي أقامت في قبو أحد الأبنية الذي كان كراجاً لكي يتجنبوا القصف الذي يقوم به النظام.
     بلغ عدد الذين هاجموا قاعدة تفتناز 500 شخصاً مقابل 400 عسكري محاصرين أغلبهم من الجنود بالإضافة إلى مئة من الشبيحة الذين جاؤوا من قرية الفوعة العلوية. هؤلاء الشبيحة هم الأكثر شراسة لأنهم يعرفون بأن الموت سيكون أقل أنواع التعذيب في حال تعرضهم للأسر. بالنسبة للمتمردين، شارك في الهجوم على القاعدة عدة وحدات من المقاتلين المتمردين الإسلاميين في جبهة النصرة وأحرار الشام والطليعة الإسلامية بالإضافة إلى مجموعتين محليتين تابعتين إلى الجيش السوري الحر هما: لواء الداوود ولواء الحق، وهما تياران أكثر علمانية من الناحية النظرية.
     لقد تم استخلاص الدروس المستقاة من معركة حلب، وأصبحت المجموعات المقاتلة تُنسق هجماتها. هناك درس هام آخر تم استخلاصه هو: الاستيلاء على جميع القواعد المحيطة بمدينة إدلب، ولاسيما المطارات، قبل الهجوم على هذه المدينة. قال أحد المقاتلين واسمه أسعد زيدان: "إن ذلك سيُخفف من المعارك في المدينة والتدمير المرافق لها. نحن نسعى إلى تجنّب المدنيين داخل مدينة إدلب".
     إذاً، لقد بدأت معركة إدلب في تفتناز، وهي مستمرة بوتيرة غير منتظمة بين التصعيد المفاجىء ومراحل الانتظار الطويلة للاستعداد. بتاريخ 16 كانون الثاني، وقعت ثلاثة عمليات تفجير استهدفت مواقع الأجهزة الأمنية داخل المدينة. ثم استولى المتمردون بتاريخ 21 كانون الثاني على موقعين في جنوب المدينة، ثم هجموا على السجن المركزي بتاريخ 24 كانون الثاني. إن سقوط إدلب سيُحرر بشكل نهائي شمال سورية، ولكن المتمردين يتحدثون بواقعية عن الحاجة إلى عدة  أسابيع من القتال أو حتى عدة أشهر. يجب أولاً الاستيلاء على القاعدة العسكرية في قرية المسطومة بشمال غرب المدينة.
     استمرت المعركة في تفتناز عشرة أيام، وأدت إلى انضمام حوالي عشرة جنود من القوات الحكومية إلى المتمردين، وأسر حوالي 12 آخرين من قبل كتيبة لواء الحق، ونجح حوالي خمسين شخصاً من الشبيحة بالهروب إلى قرية الفوعة الواقعة على بعد خمسة كيلومترات من القاعدة. والبقية؟ أجاب (أبو فاروق) أحد المقاتلين الجهاديين الشباب على مدخل القاعدة قائلاً باقتضاب: "مات الباقون، لا نريد أسرى".
     إنهم سبع رجال مسلحون، ما زال بعضهم صغيراً في السن لدرجة أنهم لا يستطيعون تربية لحاهم على الطريقة السلفية، ولكن جميعهم من عناصر الطليعة الإسلامية. تدل العيون المغولية لأحدهم بأن أصوله من آسيا الوسطى، وهو يتكلم العربية بشكل بسيط، ويرفض أن يقول أكثر من ذلك. أما البقية فهم سوريون، ولا تتجاوز أعمارهم 22 عاماً كحد أقصى. كانت الأوامر حازمة بمنع دخول أي شخص إلى القاعدة، وأشار أسعد زيدان إلى أنه تم إبعاد جميع سكان القرية المجاورة الذين حاولوا دخول القاعدة لسرقة ما يمكن سرقته، وعبّر عن إعجابه بالنظام الصارم للمجموعات الإسلامية. يقول عناصر هذه المجموعات الإسلامية أنهم "جاؤوا للصلاة على هذه الأرض الطاهرة وتحريرها"، فأجابهم أحد الزعماء الإسلاميين: "لسنا في المسجد الأقصى هنا. إذا أردتم الصلاة، إذهبوا إلى الجامع".
     يبلغ عمر الرجل الذي قاد عملية الهجوم على قاعدة تفتناز 25 عاماً، شعره أسود ولحيته طويلة. خرج لتوه من القاعدة بالسيارة، ونظر بإمعان إلى وجوه العابرين الأجانب، وأمر الرجال بإنهاء المقابلة، ثم غادر دون أن ينطق بأي كلمة. ظهرت يده المبتورة جزئياً على مقود السيارة بسبب إحدى المعارك. إنه يتهرب من الاتصال مع الصحافة ولا يُفصح عن هويته أو نشاطاته، كما هو الحال بالنسبة لأغلب قادة جبهة النصرة،. إن هذا التحفظ يُثير لدى السوريين مزيجاً من الخشية والاحترام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق