الصفحات

الأحد، ١٧ آذار ٢٠١٣

(في سورية، صعود لا يُقاوم لإسلاميي ومتمردي جبهة النصرة)


صحيفة اللوموند 17 آذار 2013 بقلم كريستوف عياد Christophe Ayad

     إن جميع الذين زاروا حلب في الحرب يعرفون الدكتور أسامة الحاج عثمان الذي كان يُدير مشتشفى دار الشفاء، إنه المستشفى الوحيد الذي كان يُعالج المتمردين والمدنيين في المناطق التي تتعرض لقصف الجيش الحكومي. قصف الطيران السوري هذا المستشفى بتاريخ 21 تشرين الثاني 2012 ودمّره، وقام الدكتور بتغيير مكانه منذ ذلك الوقت. تم القبض على الدكتور يوم الأربعاء 13 آذار بأمر من المحكمة الإسلامية التي أنشأتها المجموعات المسلحة المتمردة في حلب. ما هي جريمته؟ لقد أراد نزع العلم الأسود الذي وضعه الإسلاميون على سطح مقرّه الجديد في مستشفى الدقاق، ووضع بدلاً عنه علم الثورة.
     إنه ليس الحادث الأول من نوعه في المناطق المحررة بسورية، وقد أثار موجة احتجاج على الشبكات الاجتماعية ولدى الثوار بسبب شهرة الدكتور عثمان الذي كان من أوائل الناشطين، ومن المعروف عنه تحدّيه لأوامر منع معالجة المتظاهرين في حلب. بفضل هذه السمعة، تم انتخابه في مجلس الإغاثة في حلب. تم الإفراج عنه في اليوم التالي 13 آذار، وأنكرت المحكمة الإسلامية أنها وراء اعتقاله، وأكدت ما قاله الطبيب الذي صرّح بأن بعض عناصر ميليشيات جبهة النصرة هم الذين اعتقلوه وسلّموه إلى القُضاة.
     يمدح السوريون جبهة النصرة لشجاعتها في القتال ونظامها ونزاهتها على الرغم من أن وزارة الخارجية الأمريكية وضعتها على لائحة المنظمات الإرهابية. وصل هذا المديح لدرجة أن هذه المجموعة المسلحة على وشك أن تفرض نفسها بصفتها المجموعة المسلحة الأساسية في سورية. ما زال أصل وتركيبة هذه المنظمة السرية غير معروف بشكل جيد. يعتبرها بعض المحللين فرعاً من الدولة الإسلامية في العراق التي ترتبط بتنظيم القاعدة. وتشير العديد من الشهادات التي تم جمعها في شمال سورية إلى أن جبهة النصرة هي مجموعة أغلبيتها من السوريين (حوالي 80 %)، وليس لها علاقة عضوية بتنظيم القاعدة، ولكنها قريبة منه على الصعيد الإيديولوجي.
     إن الجهاديين السوريين، بخلاف نظرائهم العراقيين، يحرصون على تجنب عداء السكان. بالمقابل، الجيش السوري الحر هو خليط غير متجانس من الكتائب الذي يقودها رؤساء محليون، ويتصف بسمعة سيئة بسبب أعمال الترهيب التي ارتكبها بعض رؤسائه مثل: نهب الأبنية العامة أو الخاصة والابتزاز والخطف وتهريب المساعدة الإنسانية والأسلحة لبيعها في السوق السوداء لدرجة أن اقتصاد الحرب يُخيّم على سورية.
     بدأت السمعة الجيدة لمقاتلي جبهة النصرة بالتفتت بسبب الحماس الديني الزائد لبعض عناصرها، ولاسيما الأجانب منهم. ووقعت مواجهات في سراقب بين المجموعات المنتمية إلى الجيش السوري الحر وبين السلفيين حول العلم، وبسبب الأغاني الثورية (المُعتبرة كالكفر)، أو بسبب وجود النساء أثناء المظاهرات المعتادة يوم الجمعة.
     أحصت وكالة الصحافة الفرنسية AFP أربعة حوادث في شهر شباط بقرية عتمة على الحدود التركية التي تحولت إلى مكان لجذب النازحين ومدخل للمساعدة الإنسانية. في إحدى هذه الحوادث، تم منع أحد خطباء الجوامع الأردنيين من إلقاء خطبة الجمعة في الجامع. كما وقعت مشاجرة بسيطة بين أحد السكان وبعض الأصوليين، وانتهت هذه المشاجرة بغارة عقابية للمقاتلين المحليين الذي أهانوا أحد مسؤولي جبهة النصرة. في الحالات الأخرى، إن مجرد إشعال سيجارة بحضور بأحد الجهاديين، يُشكل سبباً للنزاع. قال أحد الناشطين العلمانيين متنهداً: "لم ننجح حتى الآن في إسقاط النظام، ولكن المعركة بدأت لمعرفة كيف ستكون الأيام القادمة. إن الشيء الجيد الوحيد هو أن الإسلاميين على وشك إدراك أنهم لن يستطيعوا تطبيق برنامجهم بسهولة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق