الصفحات

الأربعاء، ٢٧ آذار ٢٠١٣

(إسرائيل وتركيا تُحددان صيغ تقاربهما)


صحيفة اللوموند 27 آذار 2013 بقلم مراسلها في إسرائيل لوران زوكيني Laurent Zecchini

     سيكون التقارب الإسرائيلي ـ التركي طويلاً بسبب ملف غزة. أراد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الاستفادة بشكل أكبر من الاتفاق على تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد قطيعة استمرت ثلاث سنوات بسبب القافلة التركية التي كانت تريد خرق الحظر البحري على غزة. أعلن أردوغان أن اتفاق تطبيع العلاقات يتضمن رفع الحظر عن غزة، ولكن الحقيقة مختلفة جداً عن ذلك كما أشار ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وهذا ما أكدته الإجراءات الانتقامية الإسرائيلية للرد على قيام مجموعة إسلامية في غزة بإطلاق قذيفتين صاروخيتين بتاريخ 21 آذار بعد يوم واحد من وصول الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى إسرائيل.
     لا شك بأن الاتفاق بين إسرائيل وتركيا لن يسمح بعودة العلاقات إلى سابق عهدها قبل الخلاف بين البلدين. فيما يتعلق بالتعويضات المالية للضحايا الأتراك، لن تكون مشكلة صعبة الحل. فيما يتعلق بالتمثيل الدبلوماسي، هناك الآن قائم بالأعمال في كلا البلدين، وتعتبر إسرائيل أنه من الممكن تسمية سفير إسرائيلي قبل الصيف القادم.
     نفت السلطات الإسرائيلية أن يكون هذا الاتفاق نتيجة الضغوط التي مارسها الرئيس باراك أوباما أثناء زيارته لإسرائيل بين يومي 20 و22 آذار، وبررت هذا الاتفاق بالوضع الطارىء في سورية. ولكن هذا لا يمنع من القول أن واشنطن شجعت بحرارة على هذا الاتفاق، ولا ترى إلا الإيجابيات في هذا التقارب بين اثنين من حلفائها الرئيسيين في الشرق الأوسط. قال مستشار نتنياهو: "يوجد بين تركيا وإسرائيل بلد يتفتت ويملك أسلحة كيميائية تم استخدامها ويمكن أن تنتشر في المنطقة. كلما كان التنسيق أفضل بيننا وبين تركيا، كلما كان سهلاً مواجهة هذه المشكلة التي تُهدد بالانفجار في وجه الجميع بأية لحظة". وأضاف دبلوماسي إسرائيلي قائلاً: "يجب أن يتحدث البلدان مع بعضهما البعض ويتشاوران ويتبادلان المعلومات حول الوضع في سورية، وإذا احتاج الأمر، يجب الانتقال إلى الفعل فيما يتعلق بانتشار الأسلحة الكيميائية، وتنسيق العمل مع الولايات المتحدة والحلف الأطلسي". وعبّر هذا الدبلوماسي عن أمله بأن يؤدي هذا الاتفاق إلى رفع الفيتو التركي على مشاركة إسرائيل بمناورات الحلف الأطلسي.
     أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي قائلاً: "إن تفاقم الوضع في سورية بين لحظة وأخرى، كان عاملاً حاسماً بالنسبة لي". ولكن إسرائيل وتركيا لن تستعيدان فوراً العلاقات الإستراتيجية الوثيقة التي جمعتهما خلال سنوات عديدة، هذه العلاقات التي سمحت بإجراء مناورات عسكرية مشتركة واستخدام الفضاء الجوي التركي من قبل الطائرات الإسرائيلية. إن حرية عمل الطائرات الإسرائيلية، رغم نفي ذلك رسمياً، ربما تكون ذات فائدة كبيرة في حال قيام إسرائيل بهجوم جوي على المواقع النووية الإيرانية. إن البلدين مهددان اليوم من قبل النظام الإيراني دون أن يعني ذلك وجود جبهة مشتركة بينهما.
     استطاعت إسرائيل خلال السنوات الثلاثة الماضية التعويض عن تدهور علاقاتها مع تركيا، وذلك من خلال التقارب الواضح مع اليونان وقبرص وبلغاريا ورومانيا، هذه الدول التي توفر لإسرائيل بعض التسهيلات لتدريب الطائرات والسفن الإسرائيلية.
     على الصعيد الاقتصادي، ربما تكون هناك نتائج هامة لتطبيع العلاقات الإسرائيلية ـ التركية: لقد اعتاد نصف مليون إسرائيلي على قضاء إجازاتهم السنوية في تركيا، ولكن هذا الإقبال السياحي توقف فجأة. ربما يكون الخاسرون من هذا الاتفاق: اليونان وصناعة السياحة الإسرائيلية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق