الصفحات

الجمعة، ٢٧ أيلول ٢٠١٣

(انضمام بعض المجموعات المتمردة السورية إلى الجهاديين)

صحيفة الفيغارو 27 أيلول 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbruont

     إنه خبر سيء للدول الغربية التي تدعم المعارضة المعتدلة ضد بشار الأسد. قررت حوالي 12 مجموعة متمردة تابعة أو مقربة من الجيش السوري الحر، الذي يُعتبر الوسيلة الأساسية لنفوذ الأوروبيين والأمريكيين على الأرض، قطع علاقتها مع الجيش السوري الحر وتشكيل تحالف مع جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة. تمثل هذه الانشقاقات تراجعاً جديداً لنفوذ المتمردين "المعتدلين" لمصلحة الراديكاليين الإسلاميين الذين يعارضون أية تسوية تفاوضية للنزاع.
     من بين هذه المجموعات، هناك بعض الكتائب القوية مثل كتيبة أحرار الشام السلفية ولواء التوحيد المقربين من الإخوان المسلمين ولواء الإسلام المرتبط بالسعودية. تتمركز هذه المجموعات الثلاث في شمال سورية، وتضم حوالي أربعين ألف رجل على الأقل من أصل مئة وخمسين ألف رجل داخل التمرد. أكدت ثلاث عشرة مجموعة في بيانها أن الإئتلاف الوطني السوري، الجناح السياسي للمعارضة المدعومة من الدول الغربية، "لا يمثلنا ونحن لا نعترف به"، ودعت هذه المجموعات إلى جعل الشريعة الإسلامية "المصدر الوحيد للقوانين التشريعية". تنوي هذه المجموعات تشكيل قوة إسلامية.
     أفرغ هذا الانشقاق التيار المعتدل في التمرد، ويمثل ضربة قوية إلى الجيش السوري الحر ورئيسه الجنرال سليم إدريس الذي ألغى إقامته في فرنسا وعاد مسرعاً إلى المناطق "المحررة" في شمال سورية. سيؤدي هذا الانشقاق إلى تعقيد مسألة تسليح المتمردين، هذا الخيار الذي أطلقه فرانسوا هولاند مؤخراً من جديد. ما العمل عندما يتحول جزء من هؤلاء المعتدلين، الذين لا يمثلون أصلاً إلا 15 ـ 20 % من المتمردين، إلى جانب الراديكاليين الإسلاميين؟ إن هذا التصلب هو نتيجة للتراجع الأمريكي عن القيام بضربات ضد سلطة الأسد، هذه الضربات التي كان الجزء المعتدل في التمرد ينتظرها بفارغ الصبر من أجل التقدم في مواجهة خصومهم الجهاديين. ولكن الكثير من المتمردين فقدوا الأمل منذ ذلك الوقت، وقرروا الانضمام إلى الفصائل الإسلامية التي تملك إمكانيات مالية وعسكرية أكبر.
     تُعلن هذه الانشقاقات أيضاً عن فشل الحكومة الانتقالية التي كان الإئتلاف الوطني السوري وبعض الدول الغربية التي تدعمه ـ مثل فرنسا ـ  يتمنون تشكيلها في شمال سورية، أي في المنطقة التي خسر النظام السيطرة على جزء كبير منها. قال أحد المراقبين في دمشق: "استمرت الدول الغربية بتصديق الجنرال إدريس عندما كان يقول لهم أنه يسيطر على 85 % من المتمردين، ولكنها انخدعت. كانت الدول الغربية قد طلبت من الجنرال إدريس أن يطلب من قادة المجالس الثورية المحلية إصدار بيان يؤكدون فيه أنهم يمتثلون لقيادته. قال القادة المحليون: موافقون، إذا حصلنا على المال والسلاح. ولكن ذلك لم يمنعهم  لاحقاً من رفض الأوامر الصادرة عن قادة الجيش السوري الحر خارج سورية". في ظل هذه الظروف، ربما لن تحترم الحركة الراديكالية السلفية والجهاديين أي وقف لإطلاق النار سيصدر عن مؤتمر دولي، وهي الحركة الأكثر قوة على الأرض. ولإضافة المزيد من الغموض، قام أكثر من مئة ضابط في الجيش السوري الحر بالتوقيع على نداء "لمقاطعة" أي مؤتمر حول سورية تشارك فيه إيران.

     الخبر الجيد الوحيد للمعارضة المعتدلة هو وجود العماد علي حبيب في باريس، الذي وزيراً للدفاع حتى صيف عام 2011، وغادر سورية منذ ثلاثة أسابيع. من الممكن أن يكون العماد علي حبيب هو الضابط العلوي القادر على القيام بدور في عملية انتقالية تفاوضية للسلطة مع الحفاظ على الجيش لضمان وحدة أراضي سورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق