الصفحات

الأحد، ١ أيلول ٢٠١٣

(الجيش الفرنسي مستعد للتدخل مع الأمريكيين)

صحيفة اللوموند 1 أيلول 2013 بقلم ناتالي غيبير Nathalie Guibert

     ستكون العملية الهادفة إلى "معاقبة" استخدام السلاح الكيميائي في سورية أمريكية بالدرجة الأولى بسبب عدم وجود تحالف غربي. ما هو المكان الذي ستأخذه فرنسا بصفتها الحليف الطوعي الوحيد في هذه العملية العسكرية إلى جانب الأساطيل الأمريكية في المنطقة؟ الاستعدادات العسكرية الفرنسية جاهزة منذ يوم الخميس 29 آب. أكد مستشارو وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان بالقول: "لن نكون مساهماً صغيراً".
     يبدو التواجد العسكري الأمريكي ساحقاً، ويدل على ذلك المؤشر الذي  تحدثت عنه الصحافة الأمريكية: في عام 2012، عبرت الطائرات الحربية الأمريكية المجال الجوي المصري أكثر من ألفي مرة، وعبرت سفن الأسطول الخامس الموجود في البحرين قناة السويس حوالي أربعين مرة. دفعت الأزمة الإيرانية بواشنطن إلى تجهيز مئات الصواريخ توماهوك البعيدة المدى في هذه المنطقة منذ عدة أشهر، تستطيع هذه الصواريخ ضرب أهداف على مسافة ألف كيلومتر انطلاقاً من السفن أو الطائرات دون أن تخشى وسائل الدفاع الجوي السورية القوية.
     قام البنتاغون مؤخراً بتعزيز قواته البحرية بالإضافة إلى قواعده في الخليج وجيبوتي: يتواجد الأسطول الخامس في البحر الأحمر، ويمكنه الاعتماد منذ 20 آب على أحدث حاملتي طائرات لدى الجيش الأمريكي هما: ترومان ونيميتز، وتحمل كل منهما تسعين طائرة. بالإضافة إلى ذلك، يتواجد في البحر المتوسط خمس سفن حربية لإطلاق الصواريخ مقابل سورية، وتحمل كل سفينة 150 صاروخ توماهوك. يتواجد أيضاً في المنطقة عدد مجهول من الغواصات النووية للهجوم وإطلاق صواريخ توماهوك (100 صاروخ لكل سفينة). فيما يتعلق بروسيا، أعلنت يوم الجمعة 30 آب عن إرسال سفينتين إضافيتين لإطلاق الصواريخ للانضمام إلى ست سفن أخرى موجودة في قاعدة طرطوس على الشاطىء السوري. لخص أحد الضباط الفرنسيين الوضع قائلاً: "يقوم كل طرف بإظهار قوته، إنها سياسة المدافع".
     أرسلت فرنسا منذ بداية الأزمة السورية بعض وسائل التنصت والاستخبارات وغواصات هجومية بشكل خاص. كما أرسلت باريس بتاريخ 28 آب فرقاطتها المتطورة "الفارس بول". إن هذه السفينة لوحدها لن تقرر مصير الحرب، ولكنها ستكون مفيدة جداً لضمان حماية الجو والغواصات. قال أحد الضباط: "إن وسائل المراقبة في هذه السفينة ستعطي فرنسا قدرة على التقويم الذاتي للوضع". فيما يتعلق بحاملة الطائرات شارل ديغول، فما زالت في الخلف، وبإمكانها الوصول إلى المنطقة خلال ثلاثة أيام في حال الحاجة. أصبحت المجموعة البحرية ـ الجوية جاهزة للعمل منذ 31 تموز بعد توقف استمر عدة أشهر للصيانة، وقد جهزتها هيئة الأركان الفرنسية بما يتناسب مع الوضع السوري.
     في ظل هذا الانتشار العسكري، هل هناك معنى للقيام بحملة محدودة تستمر عدة ساعات أو عدة أيام حسب التصريحات غير الرسمية؟ في الوقت الحالي، من المنتظر القيام بعدة غارات جوية عبر طائرات رافال الفرنسية. لا تملك فرنسا صواريخ بعيدة المدى تعادل صواريخ توماهوك. تستطيع الطائرات المقاتلة حمل صواريخ عالية الدقة SCALP-EG، ولكن مداها أقل من 300 كم، وتم استخدامها للمرة الأولى في ليبيا عام 2011. من الممكن أن تقوم الطائرات الفرنسية باستهداف المناطق الساحلية في سورية، في حين ستقصف صواريخ توماهوك الأهداف البعيدة. من الممكن أن تنطلق الغارات من الأراضي الفرنسية أو من القواعد الفرنسية في المنطقة في جيبوتي وأبو ظبي أو من قاعدة الحلف الأطلسي في تركيا Incirlik. استبعدت وزارة الدفاع الفرنسية القيام بهجوم شامل، ويجب التمييز بين عملية الضربات وبين المساعدة العسكرية للمعارضة السورية التي لم يستبعد فرانسوا هولاند تزويدها بأسلحة أكثر تطوراً.
     يبقى أن واشنطن هي التي ستعطي إشارة البدء وستحدد حجم العملية. أشار أحد الخبراء إلى أنه لكي تكون باريس مرئية في العملية "يجب عليها التفاوض على أهداف تمثل رموزاً هامة". قال مدير مؤسسة الأبحاث الإستراتيجية كامي غراند Camille Grand: "في ليبيا، أطلق الأمريكيون 200 صاروخ توماهوك في قضية كان من المفترض الانتهاء منها خلال ثمانية أيام. من الممكن أن يحاول البنتاغون القيام بعمل جدي يؤدي إلى تفكيك جهاز القوة السورية".
     أشار الكولونيل ميشيل غويا Michel Goya في مدونته "صوت السيف" La voie de l’épée إلى أن المثال الوحيد الناجح عن غارة عقابية هو تلك التي قامت بها القوات الأمريكية ضد معمر القذافي عام 1986 بسبب البرنامج النووي الليبي وتورط طرابلس الغرب بعمليات تفجير إرهابية. قال هذا الخبير: "هذا هو خيار الحد الأدنى الذي يمكن اللجوء إليه مرة أخرى. ولكن نظراً لتغلغل قوات بشار الأسد بين السكان، فإن حملة الضربات ستكون معقدة جداً، وسيكون من الصعب زعزعة موازين القوى بدون حصول تدخل غير مباشر على الأرض".

     يتذكر العسكريون الفرنسيون أنهم دفعوا ثمناً باهظاً لتورطهم السابق في "الحرب الباردة ضد المحور الشيعي" خلال الثمانينيات. سيتم قريباً تنظيم مراسيم بمناسبة مرور ثلاثين عاماً على عملية "دراكار" في بيروت بتاريخ 23 تشرين الأول 1983 التي أدت إلى مقتل 58 جندي فرنسي. أشارت وزارة الدفاع الفرنسية إلى أنه تم اتخاذ "إجراءات حماية كبيرة" من أجل الجنود الفرنسيين العاملين في قوات اليونيفيل بجنوب لبنان، ويبلغ عددهم 670 جندياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق