الصفحات

الاثنين، ٢٣ أيلول ٢٠١٣

(فرانسوا فيون: خطأ السفر لدى "فلاديمير")

افتتاحية صحيفة اللوموند بتاريخ 22 أيلول 2013

     هناك أعراف حتى لا نقول قواعد هامة في النظام الديموقراطي. إنها تتعلق بمعنى الدولة واحترام المؤسسات والأشخاص الذين يمثلونها. إنها تحدد حدود ما هو مسموح وما هو غير مسموح في الحياة السياسية، حتى لو كان ذلك غير موجود بالقانون. إن إحدى هذه القواعد التي تم احترامها في أغلب الأحيان، هو عدم انتقاد السياسة الخارجية لبلده خارج الأراضي الفرنسية، ولاسيما إذا كنا نطمح بالوصول إلى أعلى مناصب الدولة مستقبلاً. ولكن فرانسوا فيون، أحد قادة حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية ورئيس الوزراء السابق الذي يطمح بأن يصبح رئيساً، خرج عن هذه القاعدة. لقد قام بذلك بشكل غير مبرر ويدعو للسخط.
     من حيث المضمون أولاً. دعته الدولة الروسية للمشاركة يوم الخميس 19 أيلول في ندوة بين المثقفين تجري سنوياً في مدينة فالداي Valdai الجميلة في منطقة نوفغورود Novgorod. انتقد فرانسوا فيون سياسة فرانسوا هولاند تجاه سورية، واتهم رئيس الجمهورية بأنه تابع لسياسة نظيره الأمريكي باراك أوباما، وقال: "أتمنى بهذا الخصوص أن تستعيد فرنسا استقلاليتها وحريتها في الرأي والعمل، لأنه السبيل الوحيد لتخويلها السلطة في هذه الأزمة". يحق للسيد فيون إدانة هذا الخيار أو ذاك في السياسة الخارجية. إن الأمور غير واضحة في القضية السورية، وجميع المواقف صعبة، ويمكن انتقادها من هذه الزاوية أو تلك، ولاسيما فيما يتعلق بالرد اللازم تجاه استخدام بشار الأسد للأسلحة الكيميائية، لأنه لا بد من رد. ولكن ما كان يقوله السيد فيون ضمنياً، وهذا ما أسعد النخبة الروسية الحاضرة، هو أنه كان يجب على باريس اللجوء إلى مجلس الأمن بدلاً من مرافقة واشنطن في هذه القضية. ولكن من المعروف جيداً أن روسيا ستستخدم حق النقض تجاه أي تدخل في سورية. بعبارة أخرى، إما أن السيد فيون يُظهر نفاقه، أو أنه يدافع عن سياسة التبعية الكاملة لموسكو في القضية السورية. في الحالتين، إن دروسه حول "الاستقلالية وحرية الرأي" فارغة.

     كان من المعيب أيضاً أن يقول ذلك في موسكو بحضور فلاديمير بوتين، أي بحضور  أحد  أطراف النزاع الهامين. لقد اختار السيد بوتين سياسة الخيار الأسوأ في المأساة السورية حتى الآن، وذلك عبر تسليح نظام دمشق ورفض ممارسة أي ضغط عليه. حتى ولو كنا نعتقد بالتأكيد أن موسكو لها دور في السعي إلى السلام في سورية، فإنه من غير المشرف وغير اللائق إعطاء ذلك علنا إلى "العزيز فلاديمير" الذي ينوي مواجهة باريس في هذه القضية، بالإضافة إلى وجود العديد من المعارضين في السجن بعد محاكمة جائرة.  قبل عدة أيام من كلمة فرانسوا فيون، وضع فرانسوا فيون على قدم المساواة كل من الحزب الإشتراكي والجبهة الوطنية في حال وصولهما إلى الدورة الثانية من أية انتخابات فرنسية. من الممكن أن يكون هذا الموقف المتمثل بصداقته المعلنة تجاه السيد بوتين، أو بانحيازه إلى سياسة موسكو تجاه سورية، هو جزء من الإستراتيجية نفسها: زيادة راديكالية معارضته من أجل الظهور بمظهر الخصم الوحيد للسيد هولاند. هل يجب التخلي عن التصرف كرجل دولة من أجل ذلك؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق