الصفحات

الأربعاء، ١٨ أيلول ٢٠١٣

(الاتفاق الروسي ـ الأمريكي يعزز نظام بشار الأسد في الوقت الحالي)

صحيفة اللوموند 18 أيلول 2013 بقلم بنجامان بارت Benjamin Barthe

     لا شك أن التسوية الروسية ـ الأمريكية كانت هدية رائعة للرئيس السوري بمناسبة عيد ميلاده الثامن والأربعين بتاريخ 11 أيلول. اعترف الباحث السياسي سلام كواكبي  متأسفاً: "بإمكانه الاحتفال بعيد ميلاده. إنه انتصار بالنسبة لنظامه. سيتراجع الضغط الدولي. إن تفاصيل الاتفاق معقدة جداً لدرجة أنه يترك هامشاً واسعاً للتفسيرات التي سيتمتع النظام وحلفاؤه الروس باللعب عليها". إن تخلي طاغية دمشق عن مخزونه من الأسلحة الكيميائية، أو على الأقل إطلاق المسيرة الطويلة لتفكيكها، جعله يستعيد صفة المُحاور مع المجتمع الدولي، قال سلام كواكبي غاضباً: "سيستقبل الرئيس مفتشي اتفاقية منع الأسلحة الكيميائية، وسيستعيد بعض الشرعية. ومن الممكن إعادة فتح السفارات الغربية في دمشق من أجل ضمان أمن المفتشين القادمين من هذه الدول. إنها بداية سلسلة شيطانية".
     تُذكّر هذه المرحلة الدبلوماسية، ولكن بشكل متسارع، بوضع النظام السوري بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005، وكيف استطاع بشار الأسد بعناده أن يتلاعب بمهارة بالمعادلة الجيوسياسية الإقليمية، واستطاع العودة إلى المجتمع الدولي بعد ثلاث سنوات. إن تغير الوضع اليوم ما زال بعيداً عن تلك العودة المذهلة، ولكنها الطريقة نفسها التي استخدمها حافظ الأسد "بسمارك العرب" كما قال هنري كيسنجر. قال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية بيتر هارلنغ Peter Harling: "يتصرف بشار مثلما علّمه والده. إنه يتشبث بموقفه لأنه يعرف بأن الغرب ليس جاداً وغير قادر على تنفيذ تهديداته".
     يخشى قادة المعارضة من أن يؤدي التراجع الجديد للعواصم الغربية إلى رفع أسهم المجموعات الجهادية مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية اللتين تتنازعان زعامة التمرد مع الجيش السوري الحر. قال سلام كواكبي: "سوف يتعزز خطاب الراديكاليين حول نفاق الدول الغربية. إن مقاربتهم حول نظرية التآمر القائلة بأن القوى العظمى تتكيف تماماً مع النظام، سوف تكسب المزيد من المؤيدين. إن الاكتفاء بسحب الأسلحة الكيميائية من دمشق، يؤكد فكرة أن الاهتمام الوحيد للقوى العظمى في هذا الملف هو الدفاع عن مصالح إسرائيل. بالنسبة لجميع أولئك الذين يعارضون الجهاديين، إنه تطور كارثي".
     هل سيعرف النظام كيف يُحول انتصاره الدبلوماسي إلى تقدم على الأرض؟ إنه أمر غير مؤكد. يبدو أن تقدمه يراوح في مكانه منذ هجومه في شهري حزيران وتموز، واستيلائه على مدينة القصير، وطرد المتمردين من حمص بشكل شبه كامل. قال بيتر هارلنغ: "ما زال النظام في المأزق نفسه. لقد نجى من الضربات، ولكن التوصل إلى اتفاق دولي لن يسمح له بفرض نفسه على مجتمعه".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق