الصفحات

الثلاثاء، ١١ كانون الأول ٢٠١٢

(رسالة إلى بشار الأسد)


صحيفة الليبراسيون 10/12/2012  بقلم الكتّاب دافيد غروسمان David Grossman وأورهان باموك Orhan Pamuk وكلاوديو ماغريس Claudio Magris وبوعلم سنسال Boualem Sansal والمفكّر ألفريد غروسر Alfred Grosser

     السيد الرئيس، إن عذاب الشعب السوري أصاب الإنسانية بالحزن. يزداد عدد الموتى والجرحى والدمار يومياً. إن سورية اليوم في طريقها نحو الفناء، هذا البلد الرائع الذي كان تاريخه درساً كبيراً للإنسانية.
     تشعر الإنسانية بالفزع. إنها تريد تقديم المساعدة، ولكن لا تعرف كيف. إنها تدعو إلى نجدة الشعب السوري، ولكن لم يأت أحد. إن الدول الكبرى غارقة في حساباتها، والأمم المتحدة تُحصي قراراتها المعطلة. تُضيف الإنسانية رثاءها وترددها إلى رثاء البعض وترددهم. خلال هذا الوقت، يزداد عدد الضحايا في بلدكم بمعدل مخيف يبلغ 150 قتيل يومياً. سنعرف غداً، كالعادة، أن حساباتنا كانت خاطئة، وأن الجرحى سيموتون بسبب عدم معالجتهم، وأن الأشخاص المعتقلين سيختفون. سنعثر عليهم غداً في مقابر سرّية. هناك أيضاً اللاجئون في الدول المجاورة، إن عددهم يزداد ساعة بعد ساعة، ونعرف أن الكثيرين منهم لن يعودوا إلى منازلهم قبل وقت طويل. إن ما حصل في الجزائر والعراق وليبيا واليمن والبحرين يتكرر في سورية بحدة أكبر وبوحشية مخيفة.
     السيد الرئيس، تعرفون كل ذلك، تتلقون كمية كبيرة من التقارير اليومية على مكتبكم. ربما تشعرون بالخوف بعد قراءتها، وربما تبتسمون ابتسامة صغيرة. ولكن لا تتوهموا، إن المساعدة التي تقدمها لكم بعض الدول بشكل مباشر مثل روسيا والصين اللتان تعرقلان عمل مجلس الأمن، أو بشكل غير مباشر عن طريق الصمت، لن يعطي الشرعية لأفعالكم، ولن يخفف من الرعب، وستحاكمون عاجلاً أم آجلاً أمام محكمة سورية أو دولية.
     السيد الرئيس، يبدو أن الوضع يتعذر حله. ولكن على الرغم من ذلك، هناك وسيلة بسيطة لإنقاذ الشعب السوري المعذب: استقيلوا. إنه الحل الحقيقي والوحيد للجميع، للشعب السوري ولكم ولعائلتكم وأصدقائكم ومنطقتكم وللعالم. كل شيء في يدكم. قام البعض بذلك عندما كان بلدهم يواجه خطراً بالغاً. هذا ما فعله  الرئيس الشاذلي والرئيس زروال في الجزائر، ومبارك أيضاً، وحتى الرئيس اليمني عبد الله صالح. في كل مكان تقريباً، عرف رؤساء الدول كيف ينسحبون للحفاظ على شعبهم وبلدهم. أعلنوا  استقالتكم، وقوموا بدعوة الأطراف للتفاوض على عملية انتقالية برعاية الأمم المتحدة. يمكنكم التفاوض على خروجكم مع عائلتكم، كما فعل الرئيس صالح. إذا رفضت روسيا والصين استقبالكم، إذهبوا إلى الجزائر. يتذكر الجزائريون أن سورية استقبلت أبطالهم، الأمير عبد القادر، عندما هزمتهم فرنسا. لقد سمح له نابليون الثالث، الذي  أصبح صديقه، عام 1852 بالذهاب إلى سورية والإقامة بها، ثم لحقه آلاف الجزائريين الذين هربوا من الاستعمار الفرنسي.
     باستثناء هذا الطريق، لم يبق إلا طريق واحد أمامكم وأمام عائلتكم: الموت مثل صدام حسين أو القذافي، أو السجن مدى الحياة في زنزانة مُعقّمة في لاهاي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق