الصفحات

السبت، ١١ أيار ٢٠١٣

(سورية: مؤتمر لتبرير الجمود)


صحيفة الفيغارو 11 أيار 2013 بقلم إيزابيل لاسير Isabelle Lasserre

     وإذا كان كل ذلك من أجل كسب الوقت وإخفاء جمود القوى العظمى وتجنب أي تدخل في ملف النزاع السوري الذي أدى إلى مقتل سبعين ألف شخص حتى الآن؟ أظهرت التجربة منذ الحرب العالمية الثانية حتى النزاع في كوسوفو أنه من الأفضل تحقيق انتصار عسكري على الأرض من أجل إيقاف الحرب بدلاً من مؤتمر دولي. إن الفرصة ضئيلة بنجاح الاجتماع الذي دعا إليه الروس والأمريكيون على أنقاض المدن السورية المُعذبة. لم تُحدد المبادرة الروسية ـ الأمريكية مصير بشار الأسد، كما هو الحال بالنسبة لاتفاق جنيف في شهر حزيران 2012.
     لقد رفض المعارضون في الداخل والخارج مقدماً أي حل دبلوماسي يسمح للرئيس السوري والمُقربين منه بالبقاء في السلطة. قال أحد أعضاء الإئتلاف الوطني السوري: "يجب أن نعرف ما هو دور الأسد قبل اتخاذ أي قرار. لقد تُركت هذه النقطة غامضة بشكل مُتعمد من أجل دفع المعارضة نحو المفاوضات قبل اتخاذ القرار". كما أكد الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الأعلى للمتمردين: "للأسف، لا أعتقد بوجود حل سياسي في سورية. أعتقد أن ذلك أصبح واضحاً".
     هل غيّر الكريملين سياسته؟ يبدو أن إعطاء فرصة جديدة للدبلوماسية يخدم مصالح موسكو وواشنطن معاً. تتظاهر موسكو حالياً بتقديم بعض التنازلات من خلال القول بأنها تؤيد التعاون مع الغرب حول سورية، وذلك بعد أن مارست أسوأ السياسات خلال سنتين، وأرسلت الأسلحة إلى نظام دمشق، وعرقلت ثلاث مرات صدور أي قرار مُلزم في مجلس الأمن عن طريق استخدام حق النقض. هل غيّر الكريملين سياسته أم أنه تكتيك ذكي يهدف إلى كسب الوقت؟ على أي حال، إن التقارب الروسي ـ الأمريكي قطع الطريق أمام أية نزعة للتدخل ـ على المدى القصير على الأقل ـ يمكن أن تظهر من قبل الولايات المتحدة جرّاء تدهور الوضع بسبب استخدام الأسلحة الكيميائية التي جعلها باراك أوباما "خطاً أحمراً" أو بسبب الغارات الإسرائيلية ضد قوافل الأسلحة أو تزايد قوة الإسلاميين داخل التمرد؟
     هل الولايات المتحدة مُستعدة للقيام بأي شيء لتجنب التدخل في سورية، بعد استخدام ذريعة الأسلحة الكيميائية عام 2003 لتبرير غزو العراق، وفشل التدخل في أفغانستان، والإرادة الأمريكية بالتحوّل باتجاه  العالم الصاعد في آسيا؟ لقد قدّم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تنازلاً كبيراً في موسكو لزعيم الكريملين فلاديمير بوتين الذي جعله ينتظر ثلاث ساعات قبل استقباله، هذا التنازل هو التخلي عن جعل رحيل بشار الأسد شرطاً مسبقاً للمفاوضات. إنها خطوة إلى الوراء وتُشكك بالكلام الأمريكي. كان الإئتلاف مُعترفاً به حتى الآن كممثل شرعي ووحيد للشعب السوري. لم تُخطىء دمشق عندما أشادت فوراً بالاتفاق الروسي ـ الأمريكي. ولكن هذا المثال يمكن استخدامه في أمكنة أخرى، ولاسيما في إيران، فقد وعد الرئيس الأمريكي باستخدام جميع الوسائل الضرورية لمعارضة القنبلة النووية الإيرانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق