الصفحات

الأربعاء، ١٥ أيار ٢٠١٣

(موسكو تستغل ميّزتها حول الملف السوري)


صحيفة الفيغارو 15 أيار 2013 بقلم إيزابيل لاسير Isabelle Lasserre

     بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ورئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون، زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موسكو يوم الثلاثاء 14 أيار لكي يُحاول تغيير  الموقف السياسي الروسي تجاه سورية. قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستقبال بنيامين نتنياهو الذي جاء يطلب أن تتخلى روسيا عن تسليم نظام بشار الأسد صواريخ  أرض ـ جو S-300 المتطورة التي يبلغ مداها 200 كم، وهي تُعادل صواريخ باتريوت الأمريكية القادرة على إسقاط الصواريخ الموجهّة في الجو والطائرات. لقد تم التوقيع على عقد بشأن هذه الصواريخ بين موسكو ودمشق عام 2010 بقيمة 900 مليون دولار.
     سيؤثر تركيب هذه الصواريخ في سورية على موازين القوى بين النظام والمتمردين، وسيحرم إسرائيل من تفوقها الجوي في المنطقة، وستُعيق نوايا الأمريكيين وحلفاءهم بالقيام بضربات جوية ضد قوات النظام في حال اتخاذهم قرار إقامة منطقة حظر جوي فوق سورية أو التدخل لضمان أمن وتفكيك مخزون الأسلحة الكيميائية. لا شك أنه لجميع هذه الأسباب، يعمل الكريملين على تسليم هذه الصواريخ بعد أن استخدم سابقاً حق النقض لمنع تبني قرارات مُلزمة في مجلس الأمن حول سورية.
     تُمثل صواريخ S-300 مصدر دخل للدولة، وهي وسيلة بيد  القادة الروس لمواجهة الولايات المتحدة والعودة إلى المسرح الدولي. إنها وسيلة استخدمتها روسيا سابقاً عندما هددت في الماضي بتسليم طهران صواريخ أرض ـ جو من أجل إجبار واشنطن على التخلّي عن مشروع الدرع الصاروخي في أوروبا.
     إن قيام فلاديمير بوتين بحماية بشار الأسد منذ بداية الحرب، أجبر الدول الكبرى التي تسعى إلى إعادة السلام إلى سورية على زيارة موسكو. ينطبق ذلك على واشنطن ولندن وإسرائيل... وحتى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون سيزور العاصمة الروسية. فرضت موسكو نفسها كمحطة إجبارية في الملفات الكبرى الراهنة خلال أقل من سنتين، وذلك من خلال معارضة المحاولات الغربية بفرض عمل موحّد لإيقاف الحرب. كما تَشارك الكريملين مع البيت الأبيض لكي يقترحا الأسبوع الماضي تنظيم مؤتمر دولي حول سورية.
     إن جمود الولايات المتحدة تجاه حرب أهلية أدت إلى مقتل ثمانين ألف شخص، تسبب بفراغ سياسي حول هذا الملف. استطاع فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف ملىء هذا الفراغ بمهارة، وارتقت مكانتهما على الساحة السياسية الداخلية. ولكن المحللين الروس يشكوّن بوجود نفوذ روسي حقيقي على النظام السوري، وقال أحدهم في صحيفة Kommersant: "يعتبر الكريملين أن هذا النفوذ حقيقي".
     لم يُعلن فلاديمير بوتين وبنيامين نتنياهو عن نتائج نقاشاتهما حول صواريخ S-300 بشكل علني. اكتفى الرئيس الروسي بالتأكيد على أنه يجب "تجنب أي عمل يؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع". وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد اعتبر خلال زيارته الأخيرة لموسكو أن تسليم الصواريخ "تحمل إمكانية زعزعة الاستقرار" في المنطقة. بالنسبة للكريملين، لا شك أن الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت منع نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله اللبناني، كانت أيضاً زعزعة للاستقرار. ولكن هذه الضربات يمكن أن تتكرر إذا لم تتراجع موسكو عن تسليم أربع بطاريات صواريخ S-300، وربما تحاول الطائرات الإسرائيلية تدميرها قبل تركيبها. كما هو الحال غالباً، تجري الرقصات الدبلوماسية والمواجهات بين الدول بشكل بعيد جداً عن مصالح السوريين...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق