الصفحات

الأربعاء، ٨ أيار ٢٠١٣

(الغارات الإسرائيلة على سورية تشل الأمم المتحدة)


صحيفة اللوموند 8 أيار 2013 بقلم مراسلتها في نيويورك ألكسندرا جينيست Alexandra Geneste

     إنه صمت يلفت النظر. إلتزم مجلس الأمن الدولي بالصمت بعد الضربات الإسرائيلية ضد أهداف عسكرية في سورية. دعت الجامعة العربية مجلس الأمن إلى القيام بـ "عمل فوري" من أجل إنهاء ما أسمته بـ "انتهاك خطير لسيادة دولة عربية"، ولكن بلا جدوى. اقتصرت ردة فعل الأمم المتحدة على بيان الأمين العام للأمم المتحدة الذي عبّر عن "قلقه الشديد"، ودعا "جميع الأطراف إلى التحلّي بأكبر قدر من الهدوء وضبط النفس، والعمل بشكل مسؤول لتجنب التصعيد".
     بالنسبة لروسيا المستعدة دوماً لنجدة حليفها السوري، اكتفت بالإشارة إلى أن الغارات الإسرائيلية تساهم في زيادة أخطار ظهور بؤر التوتر في الدول المجاورة، ولاسيما لبنان. سأل الصحفيون السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين فيما إذا كانت روسيا ستدعو مجلس الأمن للانعقاد رداً على الضربات الإسرائيلية، فأجابهم السفير الروسي يوم الاثنين 6 أيار: "لم أتلق تعليمات من عاصمتي". ثم أضاف قائلاً: "نحن نعارض أي مسعى من شأنه زيادة مستوى العنف". اعتبر أحد الدبلوماسيين الغربيين أن هذا الموقف الروسي حول الملف السوري "غير مألوف، ولكنه لا يدعو للاستغراب"، في الوقت الذي وصل فيه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى موسكو يوم الثلاثاء 7 أيار، ومن المفترض أن يجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
     تُمثل سورية إحدى الخلافات الكبيرة بين روسيا والولايات المتحدة، ومن المنتظر أن تكون محور اللقاءات بين البلدين. اعتبر ريتشارد غاون Richard Gowan، مدير مركز التعاون الدولي في جامعة نيويورك، أن "الغارات الإسرائيلية على دمشق جاءت في وقت صعب بالنسبة لإدارة أوباما، لأنها تُهدد بإفشال جهود جون كيري من أجل تسوية دبلوماسية حول سورية". هل يمكن أن تؤدي هذه الغارات إلى تغيير موقف البيت الأبيض الذي ما زال متردداً حتى الآن إزاء فكرة التدخل في  سورية؟ إذا كانت الصحافة الأمريكية مُتفقة على أنها تزيد من حدة الضغط على الولايات المتحدة في ظل الظروف المتوترة أصلاً بسبب الاتهامات الأخيرة حول استخدام الأسلحة الكيميائية، فإن ريتشارد غوان يُحذّر من الاستنتاجات المُتسرّعة.
     إن نجاح إسرائيل في القيام بضربات جوية محدودة ودقيقة لا يعني بالنسبة لريتشارد غوان أن مثل هذه العملية ستكون سهلة بالنسبة للولايات المتحدة أو الحلف الأطلسي في حال القيام بحملة عسكرية جوية ضد سورية، وقال: "ستكون القوات الغربية مُجبرة على مهاجمة سلسلة من الأهداف أكثر أهمية، ومتابعة ضرباتها خلال عدة أسابيع وربما عدة أشهر حتى سقوط بشار الأسد". وأضاف زميله الأمريكي مايكل أوهانلون Michael O’Hanlon المتخصص بالشؤون العسكرية في معهد بروكنغز قائلاً: "يجب البقاء واقعيين حول الخيارات في سورية. يجب أن يكون حل الأزمة السورية شاملاً ويتضمن إستراتيجية للتراجع كما حصل في البوسنة والهرسك". لقد أجبرت الضربات الجوية ميليشيات سلوبودان ميلوسوفيتش على التفاوض الذي أدى في تقسيم البلد. واعترف مايكل أوهانلون قائلاً: "لم يكن حلاً مثالياً، ولكن الصرب والمسلمون والكروات لم يستأنفوا الحرب بعد مضي ثمانية عشر عاماً".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق