الصفحات

الثلاثاء، ١٤ أيار ٢٠١٣

(الجيش الإلكتروني السوري، حرب المُولعين بالأنترنت)


صحيفة الليبراسيون 13 أيار 2013 بقلم مراسلتها المؤقتة في نيويورك إيريس ديرو Iris Deroeux

     أهلاً وسهلاً في الفضاء الغامض للجيش الإلكتروني السوري. مهمته؟ قرصنة مواقع وصفحات الأنترنت التي يراها معادية لبشار الأسد. منذ عدة أسابيع، أصبحت كبرى وسائل الإعلام ولاسيما الأمريكية منها هدفه المفضل. يتبنى هؤلاء القراصنة المؤيدين للنظام السوري أعمالاً ضد الإذاعة الحكومية الأمريكية NPR وضد عدد كبير من حسابات تويتر Twitter مثل حسابات وكالة الصحافة الفرنسية AFP والإذاعة البريطانية BBC والأسوشيتد بريس AP ومؤخراً الصحيفة الأمريكية الساخرة The Onion... تشبه هجماته على الأنترنت حملات الدعاية الذاتية، عندما كتبوا على موقع الإذاعة الأمريكية الحكومية: "الجيش الإلكتروني السوري كان هنا"، أو تُشبه بيانات حب للرئيس السوري عندما كتبوا على أحدى صفحات باراك أوباما على الفيسبوك: "نحن نحب بشار الأسد كثيراً، دعنا وشأننا أوباما"، وأحياناً يكتب بعض النكت مثل رسائل تويتر الخيالية على صفحة النشرة الجوية للإذاعة البريطانية: "المحطة الجوية السعودية مُعطّلة بسبب حادث اصطدام مع جمل".
     لم يعد ذلك يُضحك الكثيرين منذ 23 نيسان، عندما هاجم القراصنة حساب الأسوشيتد برس على تويتر، وكتبوا رسائل تُعلن عن "انفجارين في البيت الأبيض وإصابة أوباما بجروح". خلال ثلاث دقائق، أصاب الهلع وول ستريت وخسر 136 مليار دولار. استعادت الأسوشيتد برس السيطرة على حسابها بسرعة، ولكنها احتاجت إلى يوم كامل من أجل تأمين وفتح حسابها الذي يتابعه 1.9 مليون مشترك. أصبح من الصعب بعد هذه الحادثة تجاهل هذا الجيش الإلكتروني الغامض.
     من هم هؤلاء القراصنة؟ قال الخبير بالجيش السوري الإلكتروني حلمي نعمان Helmi Noman، الباحث في مجال الأنترنت والعالم العربي في جامعة تورنتو، إلى صحيفة الليبراسيون: "إنه عملية دعائية بشكل أساسي. يسعى الجيش الإلكتروني السوري إلى لفت  انتباه وسائل الإعلام والدعاية. ولكن هناك أشياء يجب أخذها بجدية. لقد نجحوا في قطع شريط الأخبار من خلال هجمات أدت إلى  تعطيل الخدمة الإخبارية وعدم إمكانية الوصول إلى المُخدّم، وتسببت بانتشار بعض الخوف السياسي والاقتصادي. إذا استمرت الهجمات على تويتر، فإن الجيش الإلكتروني السوري يمكن أن يؤثر على سمعة وسائل الإعلام الكبيرة".
     تأسس الجيش الإلكتروني السوري في بداية الثورة السورية عام 2011. إنه يقوم بتوضيح مقاصده في عدة مواقع إلكترونية. قدّم قراصنة الجيش الإلكتروني السوري نفسهم على موقع syrianelectronicarmy.com (المُغلق من الآن فصاعداً) في ربيع عام 2011 على أنهم: "مجموعة من الشباب السوريين المُتحمسين الذين لا يستطيعوا البقاء سلبيين تجاه التشويه الكبير للأحداث حول التمرد في سورية". في ذلك الوقت، كانوا يُهاجمون بشكل خاص مواقع الأنترنت الإسرائيلية وحسابات المعارضين السوريين على الفيسبوك، ويبدؤون حملتهم بإرسال رسائل إلكترونية غير مرغوبة (SPAM) إلى وسائل الإعلام مثل تلفزيون الجزيرة وتلفزيون العربية. يقوم الجيش الإلكتروني السوري بقرصنة علب البريد الإلكترونية، إذا صدّقنا موقع leaks.syrianelectronicarmy.com، ويقول القراصنة في هذا الموقع أنهم "فخورون بجمع المعلومات عبر قرصنة علب البريد الإلكترونية لبعض الدول التي أصبحت عدوة لسورية".
     من الصعب معرفة ما هي الأهداف الفعلية التي تختبىء وراء هذه  البيانات. ولكن بشار الأسد شخصياً أشاد بجهودهم في شهر حزيران 2011، وقال في كلمته المُتلفزة أنهم "جيش حقيقي في الحقيقة الإفتراضية". أثار ذلك حيرة الخبراء مثل حلمي نعمان، وتساءلوا فيما إذا كان الجيش الإلكتروني السوري مرتبط ببساطة بالنظام السوري. نفى القراصنة ذلك بصعوبة. يشهد على ذلك المقابلة التي أجرتها مجلة Vice الأمريكية في شهر نيسان مع أحد أعضاء الجيش الإلكتروني السوري الذي استخدم اسماً مستعاراً هو: Th3Pr0 وقال: "لا، نحن لا ننقل المعلومات حول الناشطين المعارضين للأسد. النظام ليس بحاجة لمعلوماتنا، ولديه وسائلة الخاصة للاستخبارات". ولكن عندما ألحّ الصحفي في سؤاله، اعترف Th3Pr0 قائلاً: "إذا كان ناشطو الجيش السوري الحر يخططون لعملية تفجير أو خطف أحد الأشخاص، عندها سنقول ذلك للحكومة. نحن لا ننكر أن الكثير من الرسائل الإلكترونية التي حصلنا عليها قمنا بتحويلها إلى الحكومة".
     وهكذا بدأت حرب الأنترنت ضد المعارضين السوريين ووسائل الإعلام وأخيراً ضد حركة أنونيموس Anonymous. تتكون هذه الحركة من شبكة من القراصنة المجهولين، وأصبحت العدو الرئيسي للجيش الإلكتروني السوري باعتبار أن أحد أهدافها هو مساعدة المقاومة السورية. يشن الطرفان الحرب انطلاقاً من فيديوهات على اليوتوب، وتُشبه معظمها الأفلام الرديئة حول الخيال العلمي. يُكرر الجيش الإلكتروني السوري في هذه الفيديوهات: "نحن لا نُهزم". هذا ما يجب أن يُفرح بشار الأسد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق