الصفحات

الأربعاء، ٥ حزيران ٢٠١٣

(العلويون في تركيا، المسلمون الليبراليون الذين ليس لديهم شيئاً كثيراً ليخسروه)

صحيفة اللوموند 4 حزيران 2013 بقلم مراسلها في استانبول غيوم بيرييه Guillaume Perrier

     بدأ المتظاهرون بالرقص بجانب تمثال مصطفى كمال في ساحة  تقسيم على نغم الطبل وآلة الكلارينت. إنها الرقصة التقليدية للعلويين في تركيا، وشارك فيها الرجال والنساء مع أعلامهم بجانب الأكراد. العلويون هم فرع من الإسلامي الشيعي المتواجد بكثرة في تركيا، ويتراوح عددهم بين 10 و15 مليون نسمة. أكد ميتين كاراكايا Metin Karakaya من مدينة مالاتيا Malatya شرق تركيا قائلاً: "إن ما يجمعنا هنا هو وجود الكثير من العلويين بيننا. الحكومة هي حزب ديني سني لا يُحبنا. نحن لا نريد دروسهم الدينية، ولا نريد الصلاة في جوامعهم. نحن نريد ثقافتنا". يحافظ العلويون على نمط ليبرالي من الحياة.
     تحرك العلويون في تركيا بشكل كبير منذ يوم الجمعة 31 أيار، سواء كانوا متعاطفين مع الأكراد في أقصى اليسار أو أعضاء في النقابات، أو في أغلب الأحيان مُقرّبين من حزب الشعب الجمهوري، وهو حزب كمالي، وانضموا إلى حركة الاحتجاج ضد رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان لإسماع مطالبهم. تتسم طريقة حياة هذه الأقلية الدينية بالليبرالية، وذلك في مجتمع سني بأغلبيته. كانت هذه الأقلية غالباً ضحية المجازر وأعمال الترهيب التي رافقت تاريخ تركيا الحديث، وذلك قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة وقبل الإمبراطورية العثمانية. ولكن الكثيرين يعتبرون أن أردوغان تجاوز عتبة رمزية جديدة من خلال تسمية الجسر الثالث الذي سيتم بناؤه على البوسفور باسم السلطان سليم الأول (1512 ـ 1520) المسؤول عن المجازر ضد العلويين. تم الكشف عن اسمه يوم الأربعاء 29 أيار أثناء مراسيم تدشين البدء بالأعمال بحضور أعلى السلطات التركية.
     قالت مسؤولة مرصد الحياة السياسية في المعهد الفرنسي للدراسات الأناضولية في استانبول والمتخصصة بالمسألة العلوية إليز ماسيكارد Elise Massicard: "بالنسبة للعلويين، سليم هو الجلّاد. إن بناء هذا الجسر يعني بناء ضريح لتمجيد شخص قام بارتكاب المجازر ضدهم. منذ ذلك الوقت، تتحدث محطات التلفزيون العلوية مثل Cem TV عن هذا الموضوع بشكل كبير". إن الجمعيات الطائفية التي دعت إلى الذهاب إلى ساحة تقسيم وزيادة عدد المتظاهرين، تشعر بأنها مُبعدة عن الجمهورية. إن ديانتهم غير مُعترف بها كديانة، بل كخصوصية "ثقافية". تجري المراسيم الدينية المختلطة في مراكز تدعى Cemevi (منزل الاجتماع) ولا تُدعى جامعاً. تعتبر الدولة هذه الأمكنة كهيئات ثقافية، الأمر الذي يحرمها من المساعدات المالية الحكومية.
     تم مؤخراً تقديم طلب إلى البرلمان لافتتاح Cemevi في أنقرة، ويضم هذا المكان جامعاً صغيراً، ولكن الطلب قوبل بالرفض من قبل نائب رئيس الحكومة بيكير بوزداغ Bekir Bozdag. اعتبرت إليز ماسيكارد أن "اعتراف الحكومة بوضع منازل الـ Cemevi ربما يُغيّر كل شيء. ولكن لا يجب المساس بمسألة وحدة الإسلام، وجميع المؤسسات تقف صفاً واحداً".
     هناك مطلب آخر هو إلغاء دروس التعليم الديني التي ما زال تعليمها مستمراً في المدارس الحكومية على الرغم من قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2006. قالت إيليز ماسيكارد: "يشعر العلويون بأنهم معنيّون بشكل خاص بسياسة الحكومة حول الكحول والمسائل الدينية. ولكن بشكل عام، إنهم مُبعدون عن النظام السياسي، وليس لديهم شيئاً كثيراً ليخسروه".
    شارك عامل صغير جاء من الضفة الآسيوية للمدينة اسمه إرهان ديميرسي Erhan Demerci في المظاهرات الموجودة في ساحة تقسيم ليلة السبت 1 حزيران، وشرب الكحول مع اثنين من أصدقائه اللذين إلتقطوا صورة له. قال إرهان ديميرسي: "يجب أن يرحل أردوغان، لم نعد نريد هذه الدكتاتورية وهذا الحزب الديني الذي يجر تركيا إلى الحرب مع جيرانها". يشعر العلويون بقلق جدّي بسبب سياسة الحكومة التركية  تجاه سورية، وبسبب ردة فعل الحكومة بعد التفجيرات في الريحانية التي أدت إلى مقتل أكثر من خمسين شخصاً بالقرب من الحدود السورية. لقد تعرضت هذه السياسة أيضاً لانتقادات المتظاهرين ضد سلطة أردوغان.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق