الصفحات

السبت، ١٥ حزيران ٢٠١٣

(سورية: التحوّل المتردد لباراك أوباما)

 افتتاحية صحيفة اللوموند 15 حزيران 2013

     اعترف البيت الأبيض للمرة الأولى يوم الخميس 13 حزيران بأن النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية تحتوي على غاز الساران. إن الأمر المثير للاستغراب هو أن الشخص الذي قال ذلك ليس الرئيس أوباما شخصياً بل أحد مستشاريه للأمن القومي، وذلك على الرغم من أهمية هذا الموضوع. أعلن الرئيس الأمريكي في شهر آب 2012 أن استخدام الأسلحة الكيميائية يعني تجاوز "الخط الأحمر" وسيُغيّر "حساباته". أكد بن رودس Ben Rhodes قائلاً: "هذا هو الوضع حالياً". يُشكل هذا الإعلان منعطفاً هاماً، ولكن هل سيؤدي ذلك إلى تغيير المعطيات بشكل حاسم في هذه المأساة السورية التي استمرت طويلاً وبلغ عدد ضحاياها مئة ألف قتيل؟
     لم يخف على أحد أن هذا المنعطف الكلامي جاء في الوقت الذي تعرض فيه المتمردون السوريون إلى هزيمة هامة في القصير أمام جيش بشار الأسد المدعوم من إيران وحزب الله اللبناني. يطمح باراك أوباما إلى تنظيم مؤتمر دولي برعاية مشتركة مع روسيا للإشراف على عملية انتقالية في دمشق. يعرف الرئيس الأمريكي أن هذا السيناريو لن يكون له أي معنى قريباً في حال تعرض المعارضين السوريين المسلحين إلى هزيمة ساحقة، ولاسيما في حلب التي تستهدفها حالياً القوات الحكومية. يستعد الرئيس الأمريكي للإلتقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أثناء قمة الثمانية التي ستنعقد في إيرلندا الشمالية يومي 17 و18 حزيران، ويشعر الرئيس الروسي أنه في طريقه نحو النجاح في الشرق الأوسط. يرغب الرئيس الأمريكي امتلاك بعض الأوراق بيده قبل الاجتماع مع الرئيس الروسي.
     هل ستتغير المعطيات فعلاً؟ استحوذت الولايات المتحدة على موضوع الأسلحة الكيميائية لتبرير زيادة "مساعدتها" إلى التمرد. ولكن الغموض ما زال يُخيّم على الوسائل التي سيتم تقديمها. من المعروف أن أوباما متردد جداً إزاء دفع بلده إلى عمل عسكري جديد في الشرق الأوسط  المُتفجر، ولكن المماطلة الأمريكية تجاه الإستراتيجية الروسية ـ الإيرانية في سورية ساهم في تفاقم هذا الملف على حساب معاناة المدنيين وخطر زعزعة استقرار المنطقة بأسرها. أدت الأسلحة الكيميائية إلى مقتل 150 شخصاً، وهذا ليس أكثر عاراً من مقتل مئة ألف شخص بسبب الأسلحة التقليدية. لقد تم تجاوز عتبة إضافية، واعترفت واشنطن أخيراً بذلك.

     جاء التعليق الأكثر انتقاداً من الرئيس السابق بيل كلينتون، الذي قال في موقع Politico الإلكتروني: "أحياناً، من الأفضل محاولة شيء ما على الأقل. لا يجب علينا المبالغة في تقويم دروس الماضي. إن سورية ليست بالضرورة مثل العراق أو أفغانستان. لم يطلب أحد أن نرسل الجنود الأمريكيين إلى هناك. في الوقت الذي انخرط فيه الروس والإيرانيون وحزب الله بشكل كبير، يجب علينا القيام بشيء ما، من أجل إعادة التوازن وإعطاء هذه المجموعات المتمردة فرصة مقبولة". يجب على البيت الأبيض الاختيار بين الموقف الكلامي والفعالية الحقيقية. إن الخطر هو أن يفعل القليل وبعد فوات الأوان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق