الصفحات

الثلاثاء، ٧ أيار ٢٠١٣

(إسرائيل تنوي فرض احترام خطوطها الحمراء)


صحيفة الفيغارو 7 أيار 2013 بقلم مراسلها في إسرائيل أدريان جولمز Adrien Jaulmes

     يُمثل قصف الطائرات الإسرائيلية لدمشق إعلاناً بالحرب. كانت إسرائيل حتى الآن تقوم بأعمال سرّية نسبياً في الأراضي السورية مثل تدمير المفاعل النووي في دير الزور عام 2007 أو تدمير قافة الأسلحة المخصصة لحزب الله في شهر كانون الثاني الماضي. إنها أعمال سرّية بما فيه الكفاية لكي تترك للحكومة السورية إمكانية تجاهلها وإنقاذ ماء وجهها، وألا تكون مُجبرة على الرد.
     ولكن هجمات يومي الجمعة 3 أيار والأحد 5 أيار خلت من مثل هذه التحفظات، ولم يكن بإمكان دمشق تجاهلها. أعلنت السلطات السورية عن نيتها بالرد، مؤكدة أنها تحتفظ لنفسها باختيار الوقت. إن الشبح الذي يُخيم باستمرار على الحرب الأهلية السورية، ويُهدد بتحولها إلى نزاع إقليمي، أصبح حقيقياً بشكل مفاجىء. قامت إسرائيل بوضع حدودها الشمالية في حالة تأهب، ونشرت بطاريتي صواريخ مضادة للصواريخ في حيفا وصفد. ولكن لا يبدو أن إسرائيل تشعر بالقلق من الرد السوري، وذهب نتنياهو في زيارة رسمية إلى الصين، وكأن شيئاً لم يحصل. لا شك أن لديه أسباباً وجيهة لذلك.
     حرصت سورية دوماً على الحفاظ على هدوء حدودها مع إسرائيل، مُفضّلة التحرك عبر حزب الله. إن الظروف غير مواتية إطلاقاً بالنسبة لدمشق من أجل تصعيد الوضع عسكرياً مع إسرائيل، بسبب التمرد الذي يواجهه نظام بشار الأسد منذ سنتين، ويُهدد بقاءه. وتعرف سورية تماماً أن المواجهة مع إسرائيل ستُسرّع بسقوط النظام فيها.
     لا يبدو أن حزب الله يميل أيضاً إلى بدء الأعمال العدائية من أجل عرّابه السوري. إن طهران هي المُشرف الحقيقي على حزب الله، وتدعم دمشق بنشاط، ولكنها لا تنوي تبديد ورقتها الإستراتيجية الأساسية ضد إسرائيل في عمليات انتقامية لا جدوى منها. تخضع لغة السلاح في الشرق الأوسط إلى بعض الرموز. لكي تتأكد إسرائيل من أن دمشق فهمت تماماً الرسالة الضمنية لغارات يومي الجمعة والأحد 3 و5 أيار، أوضحت عبر قنوات دبلوماسية مختلفة أنها لا تنوي تقديم أي دعم إلى التمرد السوري، وأنها لا تتعاطف مع هذا التمرد.
     كانت الغارات الإسرائيلية الأخيرة مُوجّهة بشكل أساسي إلى طهران. تنوي إسرائيل فرض احترام "خطوطها الحمراء"، بعكس الخطوط الحمراء التي وضعها أوباما. تتعلق الخطوط الحمراء الإسرائيلية بنقل الأسلحة المتطورة في الترسانة السورية إلى حزب الله، وقد تأكد ذلك بشكل واضح خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي. الجزء الآخر من الرسالة هو الخط الأحمر الثاني بالنسبة لإسرائيل، ويتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. يبقى معرفة فيما إذا كان الجزء الثاني من الرسالة قد وصل فعلاً. إن إحدى مشاكل لغة السلاح ورموزها هي عدم فهمها أحياناً. إن التاريخ المعاصر للنزاعات في الشرق الأوسط مليء بالحسابات الخاطئة والتفسيرات الخاطئة لرسائل الخصم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق